السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الصّفاتُ المَشروطَة فيمَن تَختارُ صُحبتهْ
[ وأعلم : أنه لا يصلح للصحبة كل أحد، ولابد أن يتميز المصحوب بصفات وخصال يرغب بسببها
فى صحبته، وتشترط تلك الخصال بحسب الفوائد المطلوبة من الصحبة،
وهي إما دنيوية كالانتفاع بالمال والجاه، أو بمجرد الاستئناس بالمشاهدة والمحاورة، وليس ذلك غرضنا،
وأما دينية، وتجتمع فيها أغراض مختلفة، منها الاستفادة بالعلم والعمل، ومنها الاستفادة من المال
للاكتفاء به عن تضييع الأوقات فى طلب القوت، ومنها الاستعانة فى المهمات، فتكون عدة فى المصائب
وقوة فى الأحوال، ومنها انتظار الشفاعة فى الآخرة، كما قال بعض السلف: استكثروا من الإخوان، فإن لكل
مؤمن شفاعة. فهذه فوائد تستدعى كل فائدة شروطاً لا تحصل إلا بها.
وفى جملة، فينبغى أن يكون فيمن تؤثر صحبته خمس خصال: أن يكون عاقلاً حسن الخلق غير فاسق
ولا مبتدع ولا حريص على الدنيا.
أما العاقل:: فهو رأس المال، ولا خير فى صحبة الأحمق، لأنه يريد أن ينفعك فيضرك، ونعنى بالعاقل الذى
يفهم الأمور على ما هى عليه، إما بنفسه، وإما أن يكون بحيث إذا أفهم فهم.
وأما حسن الخلق:: فلابد منه، إذ رب عاقل يغلبه غضب أو شهوة فيطيع هواه فلا خير فى صحبته.
وأما الفاسق:: فإنه لا يخاف الله، ومن لا يخاف الله تعالى لا يؤمن غائلته ولا يوثق به.
وأما المبتدع:: فيخاف من صحبته بسراية بدعته.
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: " عليك بإخوان الصدق تعش فى أكنافهم، فإنهم زينة فى الرخاء وعدة فى البلاء،
وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك ما يقليك منه، واعتزال عدوك، واحذر صديقك إلا الأمين، ولا أمين إلا من يخشى الله،
ولا تصحب الفاجر فتتعلم من فجوره، ولا تطلعه على سرك، واستشر فى أمرك الذين يخشون الله تعالى".
قال يحيى بن معاذ: بئس الصديق تحتاج أن يقول له: اذكرنى فى دعائك، وأن تعيش معه بالمداراة، أو تحتاج أن تعتذر إليه.
ودخل جماعة على الحسن وهو نائم، فجعل بعضهم يأكل من فاكهة فى البيت، فقال: رحمك الله، هذا والله فعل الإخوان.
وقال أبو جعفر لأصحابه: أيدخل أحدكم يده فى كم أخيه فيأخذ منه ما يريد؟ قالوا: لا، قال: فلستم بإخوان كما تزعمون.
ويروى أن فتحاً الموصلي جاء إلى صديق له يقال له: عيسى التمار، فلم يجده فى المنزل، فقال للخادمة:
أخرجي لى كيس أخى، فأخرجته، فأخذ منه درهمين، وجاء عيسى إلى منزله فأخبرته الجارية بذلك، فقال: إن
كنت صادقة، فأنت حرة، فنظر فإذا هى قد صدقت، فعتقت. ]
وقال أبو السعود بن أبي العشائر :
من أراد أن يُعطي الدرجة القُصوى يوم القيامة ؛ فليُصاحب في الله .
وقال علي الخواص - رحمه الله - :
من أراد أن يُكمل إيمانه ، وأن يُحسن ظنَّه ؛ فليُصاحب الأخيار .