هناك اثنا عشر اختراعاً أو اكتشافاً اسلامياً خطيراً كان لكل منها أثر حاسم في تغيير مجرى التاريخ، وفي مسار الحضارة الإنسانية في العصور الوسطى، وتشمل هذه الاكتشافات مجالات الطب والميكانيكا والبصريات والكيمياء والعلوم العسكرية وغيرها وهي:
ا- اكتشاف الدورة الدموية: فقد غير نظريات الطب والعلاج تغييراً جذرياً اكتشفها ابن النفيس المولود سنة 215 ام.
2- التخدير: فقد كان له الفضل في تطور الجراحة الكبيرة والطويلة اكتشفه ابن سينا المولود سنة 980 م.
3- خيوط الجراحة من مصارين الحيوان: فيفصلها تطورت الجراحة الداخلية اكتشفها الرازي المولود سنة 850 م.
4- النظارة: التي غيرت حياة ضعاف البصر اخترعها ابن الهيثم المولود سنة 965 م.
5- تطوير صناعة الورق: فبفضله انتشر العلم وأصبحت الكتب في أيدي الناس جميعاً.
7- : الذي استعمل في أغراض السلم والحرب. المدفع: الذي حسم كثيرآ من المعارك التاريخية.
8- المضخة إلي صة الكابسة: التي أصبحت أساساً، لمحركات السيارات والقطارات اخترعها (الجزري) المولود سنة 1165 م.
9- الكاميرا: التي أصبحت نواة لكل الأجهزة البصرية والمرئية كالسينما والتليفزيون اخترعها ابن الهيثم المولود سنة 965).
. ا- الرقاص أو البندول: فبفضله عرف الزمن وصنعت الساعات لدقة القياس اخترعه ابن يونس المصري توفي سنة 009 ام
11- الجبر: وهو علم إسلامي كان له الفضل في تطور علوم الرياضيات والمحاسبة والكمبيوتر اخترعه الخوارزمي المولود سنة 780 م.
12- قوانين الحركة الثلاثة: وهي القوانين المنسوبة اليوم الى نيوتن بينما اكتشفها المسلمون قبله في القرن العاشر الميلادي، وبفضلها قام علم الميكانيكا الحديث وجميع الآلات المتحركة. والملاحظ هنا أننا لم نتقيد بترتيب معين في سرد هذه الانجازات من حيث الأولوية فالكثيرمنها لا يعرف له زمن محدد بحيث نتخذ الترتيب الزمني أساساً وقاعدة.
كما أن الترتيب من حيث الأهمية متعسر أيضاً لأن كلا منها قد يكون أهم من الآخر في مجاله.
كذلك يلاحظ اهتمامنا بالاكتشاف الأول وهو الدورة الدموية.. والسرد التفصيلي للمراحل التي مر بها،من حيث إدعاء الغربيين لنسبة هذا الكشف إليهم، إلي أن تكشفت الحقيقة في القرن العشرين وثبت فضل علماء المسلمين واعترفت بذلك جميع الهيئات العلمية في العالم،فهذا المثل هو النموذج الأمثل الذي ينطبق على الإنجازات الأخرى التي نهبت منا في غفلة عنا.. ونسبت إلى غيرنا.
ولما كانت بعض هذه الاكتشافات الإسلامية قد نسبت إلي الصينيين، وخاصة و وورق الكتابة. فقد اضطررت إلي الرجوع للمراجع الصينية وخاصة موسوعة (تاريخ العلم والحضارة في الصين الذي ألفه (نيدهام) مع فريق من العلماء الصينيين، فرغم أن كل بلد وكل شعب يحاول أن ينسب إلي نفسه الأمجاد (ولو كان على حساب غيره في كثير من الأحيان).. إلا أن الباحث الهادف يستطيع أن يجد من حقائق التاريخ ومن أقوال المنافسين مع مقارنته بما جاء في مراجعنا لمخطوطاتنا الإسلامية ما يوصله إلي الحقيقة المجردة.
أولأ: اكتشاف الدورة الدموية لابن النفيس المتوفي سنة 1288 م تجمع كتب الطب الحديث على أن اكتشاف الدورة الدموية يعتبر أعظم حدث في تاريخ الطب فقد أحدث ثورة علمية في كل، النظريات الفسيولوجية وكل أساليب العلاج، وقد مر هذا الكشف بعدة مراحل وتعرض لكثير من الادعاءات حتى عرفت الحقيقة وتأكدت من جميع الهيئات العلمية الحديثة على يد الطبيب المصري الدكتور "محي الدين التطاوي " الذي حاز على الدكتوراة من جامعة برلين سنة 924 ام عن رسالته "ابن النفيس المكتشف الحقيقي للدورة الدموية".
كان الإغريق يعتقدون أن الشرايين تخرج من القلب والأوردة تخرج من الكبد وكان جالينوس (ت 201 م) يقول: "إن الدم يتولد (2) في الكبد ومنه ينتقل إلى البطين الأيمن في القلب حيث تجري تنقيته وتطهيره من الرواسب في القلب ثم يسري في العروق إلى أعضاء الجسم لتغذيها. وأن هناك ثقوباً في الجدار الحاجز بين البطينين ينفذ منها الدم إلى البطين الأيسر ليمتزج بالهواء القادم من الرئتين " وقد ظلت نظرية جالينوس معمولاً بها لم يعترض عليها الرازي أو ابن سينا حتى جاء العالم الأسباني سرفيتوس سنة 553 ام فأعلن بطلانها وألف كتاباً ذكر فيه اكتشافه للدورة الدموية كما نعرفها الآن.
ثم جاء بعد سرفيتوس الطبيب الانجليزي هارفي سنة 1628 فأكمل اكتشاف الدورة الشعرية بين العروق والشرايين.
كان هذا هو ما ذكرته المراجع الأجنبية والتي ظلت تمجد سرفيتوس وهارفى وتجعل منهما آلهه الطب الحديث، حتى جاء الطبيب محي الدين التطاوي (3) إلى إلي نيا سنة 924 ام للتخصص في أمراض القلب، وذات يوم ذهب الى مكتبة جامعة برلين فاستوقف نظره مخطوط عربي أصيل لابن النفيس لا توجد منه غير نسختين فقط في العالم إحداهما في مكتبة برلين والثانية في مكتبة الاسكوريال في مدريد،وبحكم أنه طبيب في أمراض القلب فقد ساقه حب الاستطلاع الى قراءة ما كان يكتبه أجدادنا العرب في هذا الميدان.. وهنا كانت المفاجأة فقد وجد أن ابن النفيس يحطم نظرية جالينوس، ويأتي بنظرية علمية جديدة في الدورة الدموية هي نفس، مانعرفه اليوم والذي ينسب الفضل فيه لسرفيتوس وهارفى وتتلخص اكتشافات ابن النفيس اني النقاط التالية:
أ- في تشريخ القلب: * اكتشف خطأ جالينوس وعلماء الإغريق في قولهم أن جدار القلب الفاصل بين البطين الأيمن والأيسر فيه ثقوب أو صمام وقال في ذلك: "وليس بينهما (4) منفذ فإن جرم القلب هناك مصمت ليس فيه منفذ ظاهر كما ظنه جماعة ولامنفذ، غير ظاهر كما ظنه جالينوس ".
* كذلك اكتشف، أن القلب يتكون أساساً من غرفتين رئيسيتين هما البطينان.
وقد كان الاغريق يعتقدون أنه من ثلاثة غرف وردد ابن سينا رأيهم دون تغيير وقال ابن النفيس في ذلك "أما قوله أن فيه ثلاثة بطون فهذا كلام لا يصح فإن القلب له بطنان فقط ".
ب- اكتشاف الدورة الدموية الصغرى (5): من القلب إلى الرئة الى القلب كان الاغريق يعتقدون أن وظيفة الشريان الرئوي هو تغذية الرئة بالدم، ومن هنا اختلطت عليهم الأمورفى الدورة الدموية.. وقد اكتشف ابن النفيس خطأ هذه النظرية.. وقال في ذلك: "وهذا الرأي عندنا باطل، فإن غذاء الرئة لا يصل إليها من هذا الشريان لأنه لا يرتفع إليها من التجويف الأيسر من تجويفي القلب " واكتشف أن الشريان الرئوي ينقل الدم من البطين الأيمن للقلب إلي الرئة لكي يتنقي هناك ويأخذ الروح (أي الأوكسجين منها) وبين في ذلك أن جدران أورده الرئة أغلظ من جدران شرايينها، وأن الدم بعد تنقيته في الرئة يعود الى "البطين الأيسر للقلب. وبهذا يكون ابن النفيس قد اهتدى الى أن اتجاه الدم ثابت في دورة دائمة من البطين الأيمن الى الرئة ومنها الى البطين الأيسر مرة أخرى لتوزيعه على سائر الجسم.
جـ - أول من اكتشف الدورة الدموية في الشرايين التاجية: فقد كان الإغريق يعتقدون أن عضلة القلب تتغذى على الدم الموجود في داخل غرفة القلب مباشرة، فاكتشف ابن النفيس أنها تتغذى من الشريان التاجي.. وترجع أهمية هذا الكشف الخطير إلي معرفة أن انسداد هذا الشريان يؤدي إلي حرمان عضلات القلب من مصدر الحياة وهو ما يسمى في عصرنا بالذبحة القلبية التي تؤدي الى الوفاة.
د- كان أول من تنبأ عن الدورة الدموية الشعرية قبل هارفي وذلك أنه أشار إشارة (واضحة دون غموض) الى وجود اتصال بين أوردة الرئة وشرايينها بقوله "جعل بين هذين العرقين منافذ محسوسة".
وبعد أن ظهرت هذه الحقائق.. أطلع الدكتور التطاوي عليها أساتذته الإلي ن وتقول الدكتورة سيجربد هونكه الطبيبة الإلي نية التي عاصرت هذا الحدث الخطير "وبادىء ذي بدء (6) كان هناك فقط بضعة أساتذة إلي ن استمعوا الى ما ادعاه الشاب العربي،فاخرجوا من مكتبة الدولة كل المخطوطات القديمة وأشبعوها بحثاً وتنقيباً ومقارنة" ثم تقول :"وجرت حولها بحوث محمومة ومقارنات عديدة" ثم لم يكتفوا بذلك.. بل أمروا بتصوير هذه الفقرات عن الدورة الدموية من كتاب ابن النفيس وأرسلت الصور الى عالم المخطوطات والتراث العلمي الإسلامي البروفسور دكتور مايرهوف، الذي يعيش في القاهرة.. فقام بتحقيقها وأكد صحتها. وأرسلها بدوره الى سارتون في أمريكا الذي أضافها في آخر طبعة من تاريخ العلم. وعند ذلك نصحت الجامعة الدكتور التطاوى أن يتقدم برسالة الدكتوراة بعنوان "ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية" وذلك بدلأ من الرسالة التي حضر لها في علاج أمراض القلب.